المتحف البريطاني: جسر بين الماضي والحاضر

 




المتحف البريطاني يُعد واحدًا من أعظم المتاحف في العالم، حيث يحتضن تاريخ البشرية من أقدم العصور إلى يومنا هذا. تأسس عام 1753 في قلب لندن، ويُعتبر مرآة تعكس تنوع الثقافات والحضارات التي ساهمت في تشكيل العالم كما نعرفه اليوم. في هذه المقالة، سنستعرض تاريخ المتحف البريطاني وأبرز مجموعاته، بالإضافة إلى تأثيره الثقافي والسياحي.

أولاً: تاريخ المتحف البريطاني

1. تأسيس المتحف وتطوره

تأسس المتحف البريطاني بفضل الطبيب والعالم السير هانز سلون، الذي أهدى مجموعته الخاصة من الكتب والمخطوطات والآثار إلى الأمة البريطانية. افتُتح المتحف للجمهور في عام 1759، وكان حينها أول متحف وطني في العالم يتيح الدخول المجاني للجميع.

مع مرور السنوات، توسعت مجموعات المتحف بشكل كبير، سواء عبر الاكتشافات الأثرية أو عن طريق الشراء والهدايا. اليوم، يضم المتحف أكثر من 8 ملايين قطعة أثرية من مختلف أنحاء العالم.

2. مبنى المتحف وتصميمه

يقع المتحف في مبنى كلاسيكي مهيب يتميز بأعمدته الإغريقية الطراز وساحته المفتوحة الشهيرة المعروفة بـ"الساحة الكبرى" (Great Court) التي صممها المهندس نورمان فوستر. يضفي التصميم طابعًا يجمع بين العراقة والحداثة، مما يجعل زيارة المتحف تجربة بصرية ساحرة.

ثانياً: أبرز مجموعات المتحف

1. حجر رشيد: مفتاح الحضارة المصرية

حجر رشيد يُعتبر من أشهر القطع الأثرية في المتحف البريطاني. هذا الحجر، الذي اكتُشف عام 1799، كان المفتاح لفك رموز الكتابة الهيروغليفية المصرية بفضل العالم الفرنسي شامبليون. يعكس الحجر أهمية التواصل بين الثقافات القديمة والحديثة.

2. الآثار اليونانية والرومانية

تحتوي قاعات المتحف على العديد من القطع الأثرية المذهلة من الحضارات اليونانية والرومانية، بما في ذلك تماثيل البارثينون التي أثارت جدلاً واسعًا حول ملكيتها. هذه القطع تمثل الفن الكلاسيكي الذي شكّل أساس الفنون الغربية.

3. القطع الأثرية من الشرق الأوسط

المتحف البريطاني يضم مجموعة استثنائية من الآثار القادمة من الشرق الأوسط، مثل تماثيل وآثار آشورية وبابلية، بما في ذلك بوابة عشتار الشهيرة وألواح الكتابة المسمارية التي توثق مراحل تطور الكتابة.

4. الآثار الآسيوية والإفريقية

لا يقتصر المتحف على الحضارات الغربية فقط؛ فهناك قاعات مخصصة للآثار الآسيوية مثل البوذية في الصين والهند، وأخرى تعرض قطعًا فريدة من إفريقيا تعكس تراث القارة الغني والمتنوع.

تأثير المتحف البريطاني

1. الدور التعليمي والثقافي

المتحف البريطاني يُعتبر مؤسسة تعليمية رائدة، حيث ينظم معارض مؤقتة وفعاليات تعليمية تستهدف جميع الأعمار. كما أنه يُعد مركزًا للبحث والدراسة في مجال الآثار والتاريخ.

2. الجذب السياحي

يجذب المتحف ملايين الزوار سنويًا من مختلف أنحاء العالم، حيث يُعد من أبرز المعالم السياحية في لندن. الدخول المجاني يجعل زيارته متاحة للجميع، مما يعزز قيمته كرمز للثقافة العالمية.

الخاتمة

المتحف البريطاني ليس مجرد مكان لعرض القطع الأثرية، بل هو نافذة إلى تاريخ البشرية وتنوعها الثقافي. من خلال زيارته، يمكن للزائر أن يسافر عبر الزمن ويتعرف على الحضارات التي ساهمت في تشكيل عالمنا. بفضل مجموعاته الفريدة ودوره الثقافي الرائد، يبقى المتحف البريطاني أحد أعظم الإنجازات الثقافية التي تفخر بها الإنسانية.


المقالة التالية المقالة السابقة
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url